عندما نتحدث عن التعليم في المغرب، لا بد أن نتوقف عند تجربة المدارس الرائدة التي ظهرت كنموذج جديد يحاول سد الفجوة بين التعليم العمومي والخصوصي. هذه المدارس التي انطلقت بطموحات كبيرة، تستحق منا نظرة صريحة وموضوعية بعيداً عن الشعارات الرنانة.
الفكرة والطموح
جاءت فكرة المدرسة الرائدة كمحاولة لتقديم تعليم جيد بأسعار معقولة، في منتصف الطريق بين المدرسة العمومية المجانية والخصوصية باهظة الثمن. الهدف كان نبيلاً: توفير بنية تحتية حديثة، مناهج متطورة، وأطر تربوية مؤهلة للطبقة المتوسطة التي تعاني من محدودية الخيارات.
الواقع على الأرض
لكن دعونا نكون صريحين. الواقع أظهر أن التحديات أكبر مما كان متوقعاً. نحن نتحدث عن آلاف الدراهم سنوياً، وهو مبلغ ليس بالهين على عائلة متوسطة الدخل لديها أكثر من طفل.
الجودة التعليمية أيضاً محل تساؤل. صحيح أن بعض المدارس الرائدة قدمت مستوى جيداً، لكن الصورة ليست موحدة. هناك تفاوت كبير بين مدرسة وأخرى، بين منطقة وأخرى. البعض يشتكي من نقص في الأطر التربوية المؤهلة، والبعض الآخر من سوء التسيير الإداري.
المقارنة مع التعليم العمومي والخصوصي
المدرسة العمومية المغربية، رغم مجانيتها، تعاني من مشاكل معروفة: الاكتظاظ، نقص الموارد، أحياناً ضعف المستوى التعليمي. من جهة أخرى، المدرسة الخصوصية توفر جودة أفضل غالباً، لكن بتكاليف خيالية لا تستطيع معظم الأسر المغربية تحملها.
المدرسة الرائدة كانت تطمح لأن تكون البديل الذهبي، لكنها في النهاية وقعت في منطقة رمادية: أغلى من أن تكون في متناول الجميع، وأقل جودة من أن تنافس الخصوصي فعلياً.
التحديات الحقيقية
دعونا نسمي الأشياء بأسمائها. المشكلة ليست في فكرة المدرسة الرائدة بحد ذاتها، بل في التطبيق. هناك نقص في الرقابة والمتابعة، هناك استغلال أحياناً من طرف بعض المستثمرين الذين يرون في التعليم مجرد تجارة مربحة. كما أن الدولة لم توفر الدعم الكافي لضمان نجاح هذه التجربة.
الأهالي وجدوا أنفسهم في حيرة: هل يستثمرون في تعليم أبنائهم بهذه المدارس مع كل المخاطر المالية، أم يبقون على التعليم العمومي رغم مشاكله؟
نظرة للمستقبل
التعليم الصريح يتطلب منا الاعتراف بالفشل حيث وجد، والبناء على النجاحات حيث تحققت. المدرسة الرائدة يمكن أن تكون حلاً جيداً إذا تم إصلاح الاختلالات: تسعيرة عادلة حقاً، رقابة صارمة على الجودة، دعم حكومي فعلي، وشفافية في التسيير.
المغرب يستحق نظاماً تعليمياً عادلاً يعطي فرصة حقيقية لكل الأطفال، بغض النظر عن الوضع المادي لعائلاتهم.

